جاء رحمة للعاملين، حمل رسالة قامت علي نبذ العنصرية وقبول الآخر، أكد بمواقفه العملية حرصه علي إرساء وتدعيم مكارم الأخلاق، بل خطط لعالم يسوده الود والوحدة، يتساوي فيه جميع البشر بمختلف معتقداتهم وألوانهم وأجناسهم.
لم يجبر أحدا على اعتناق الإسلام، كان شعاره (
لكم دينكم ولي دين )، دافع عن دينه وأثنى علي من سبقوه من الرسل والأنبياء، ووصف نفسه الشريفة - بتواضع جم- بـ"اللبنة" التي أكملت جدار التوحيد الذي أرساه أخوانه من الرسل والأنبياء بداية بأبينا آدم ونهاية بسيدنا عيسي عليهم جميعا الصلاة والسلام .
أوجب علي أمته حسن التعامل مع أهل الكتاب فـ"
من آذى ذميا فقد أذاني" وعدم المساس بمقدساتهم، إنه خاتم الأنبياء والرسل، رافع راية حرية التعبير التي تتنزه عن النيل من الرسل والمقدسات.
إنه محمد (صلي الله علية وسلم ) الذي أنزل الناس منازلهم حتى لو اختلفت معتقداتهم مع عقيدته صلى الله عليه وسلم، فنجده يصف "هرقل" بأنه عظيم الروم، ويكرم عدي بن حاتم الطائي لكرم أخلاق والده.
إنه الرحمة الذي عظم قيمة الإنسان حتى لو كان ينكر نبوته وشريعته فها هو يقوم واقفا أثناء مرور جنازة يهودي وعندما استغرب أصحابه أكد أنها نفس بشرية من صنع الخالق وعلي الجميع احترامها.
إنه رسول الحكمة التي دفعت أعداءه من المستشرقين إلى الاعتراف بقيمته في تاريخ البشرية فيؤكد أحدهم أن لو رسولنا العظيم يعيش بين ظهرانينا لحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجالا من القهوة.
إنه الإنسان الذي أبى أن يعتدي أي شخص علي حرمة الأجساد بعد وفاتها حتى لو كان أعتى المحاربين المعاديين لأمته فقد نهي أتباعه ليوم الدين عن التمثيل بجثث الأعداء.
إنه المصلح الذي ابتغي إصلاح العالم من المفاسد وإنقاذ البشرية من وحل المادية التي تجر العالم إلي أسفل الأسفلين، أنه محمد الذي تقف الحروف والكلمات والمعاني عاجزة عن وصفه خجلة من تقصيرها في حقه.
وأمام هذه القمة الشامخة وجدنا نوعية من البشر صنعتهم العنصرية وآذهم الشيطان ودفعتهم أوحال المادية إلي التطاول والنيل من سيد الخلق فتارة يسودون صحفهم بعبارات التجريح وتارة أخري يسودونها برسومات كاريكاتيرية تحمل أوصافا لا تليق إلا بمثلهم من عباد الشهوة والإرهابيين الذين تفننوا في إرهاب المحجبات والمسلمين عامة.
ولم يكتف أحفاد الشيطان عٌباد العنصرية بنشر جريمتهم مرة واحدة، بل عاودا الكرة معلنين تحديهم لمشاعر المسلمين رافضين الأخر، كافرين بكل معاني حرية الاعتقاد والحريات الشخصية، معلنين للعالم عن حقدهم الدفين وعزمهم الأكيد علي مواصلة طريق الغواية ودق طبول الحرب الخبيثة ضد أبناء عقيدة الإسلام.
بل وصل حقدهم إلي تصوير مقاطع فيديو تصور اعتداءات إجرامية علي كتاب الله ملئوا بها ساحات الإنترنت، كما قامت هولندا مؤخرا بتصوير فيلم للنيل من عقيدة المسلمين وكتابهم ضاربين بكل الأعراف الدولية - التي تفرض احترام الكتب المقدسة علي الجميع- عرض الحائط.
وأمام هذا الإجرام المتصاعد خرج المسلمون في أنحاء العالم متظاهرين يعلنون غضبتهم تجاه هذا الإجرام العنصري وقد طالب البعض من أبناء الأمة بضبط النفس وعدم التظاهر، وأري أن هذه المظاهرات هي حق للمسلمين للتعبير عن استنكارهم واستيائهم وإشعار هؤلاء المتطاولين بأن الأمة مازالت حية وأنها علي استعداد لدفع الغالي والثمين من أجل الذب عن رسولها وقرآنها.
وبالطبع لن يقف دورنا عند هذا الحد، بل علينا جميعا أن نُفعل مبدأ المقاطعة لمنتجات أعداء الرسول؛ حتى تكون ردود أفعالنا فاعلة لا منفعلة فقط، فهؤلاء لا يعرفون إلا لغة المادة، وإن توجيه ضربات اقتصادية لبلدانهم سيكون له بالغ الأثر، ولا أتصور أن يدخل المسلم إلى بيته أي منتج دانمركي أو هولندي بعد هذا التطاول الفاشي علي عقيدتنا ورسولنا فهنا، يظهر الولاء والبراء.
ولا يفتني أن أثني علي دور العلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي الذي طالب المسلمين بمقاطعة منتجات أعداء رسولنا العظيم وإصداره فتوى بتحريم شراء منتجاتهم.
كما علينا جميعا نصرة رسولنا بنشر سيرته العطرة والاقتداء به (صلى الله عليه وسلم) وتعليم أبنائنا منهجه وسنته الشريفة وتدشين حملات إعلامية في الفضائيات والصحف والإنترنت لتعريف العالم برسول الإنسانية وإزالة الغشاوة التي يحاول العنصريون فرضها علي أعين غيرنا وليكن شعارنا (معا لنصر رسول الله).
ولا أستطيع أن أنكر أنني كنت مقتنعا بإدارة حوار مع هؤلاء المتورطين في هذه الجريمة وأثنيت كثيرا علي مبادرة الداعية عمرو خالد و الدكتور طارق سويدان من أجل تعريف هؤلاء بقدر الرسول العظيم، لكن أثبتت الأيام أن هذه النوعية من البشر يتحكم فيها الحقد الدفين والعنصرية البغيضة ولا تجدي معها هذه اللغة الراقية التي تعجز عقولهم العقيمة عن استيعابها وصدق فيهم قول الله عز وجل (ولن ترضي عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم ).
-------------------------------------------------------------------